الحق احق ان يتبع
حوار مجتمعي حول مناقشة تعديل المادة 67 في قانون تنظيم الاتصالات و التي كانت سببا مباشرا لقطع الاتصالات قي يوم جمعة الغضب يوم 28 يناير ..وكان هذا القطع بمثابة أستكمال لأركان الجريمة الكاملة ضد الشعب المصري ...وأنا لا أنسى في هذا اليوم شعورى بالرعب و الغدر و الخيانة يوم 28 صباحا و انا في طريقي لميدان التحرير للمشاركة في مظاهرات جمعة الغضب ..تأكدت أن هناك مؤامرة خسيسة لقمع المتظاهرين و قطع اي اتصال بذويهم أو اي شخص من ناحية ...وللتعتيم خارجيا على الجريمة التي كانوا يخططون لها من ناحية أخرى...
والطريف ان المادتين 76 في الدستور البائد و 67 في قانون الاتصالات يكرسان للقمع و الاستبداد بصور مختلفة ..وكأنهما و جهان لعملة واحدة ...ترزية نظام مبارك كان لا ينقصهم الابداع والدعابة في تبادل ملعوب بين الرقم 6 و 7 J)) كانوا بيتسلوا علينا J
قبل ان أدلي برأيي المتواضع في التعديل كمواطن وليس كخبير في الاتصالات و لا في القانون .. أود ان أقول إن جميع التشريعات التي صدرت في عهد الديكتاتور مبارك تحتاج الى إعادة نظر فيها برمتها ، و السبب في ذلك أن المشرع - أي مشرع - يقوم بصياغة أي قانون أو تشريع بناء على أهداف ومبادئ و قناعات و نيات و ثوابت و قيم ..وكما نعلم و علمنا كيف كانت دولة مبارك تكرس كل كبيرة و صغيرة وكل تشريع و قانون و دستور و انتخابات و نقابات واختيار للقيادات و وتسخر كل مؤسسات الدولة لمشروع قومي واحد و ليس له ثان و هو مشروع مبارك العائلي ( تمديد/توريث)..وبالتالي فإن المشرع الذي كان يشرع القوانين فى عهد مبارك كان عينه و روحه و قلبه الحفاظ على المشروع العائلى ووضع الضمانات و التشريعات بما يضمن الحفاظ على مشروع مبارك . و كي لا أقع في خطيئة التعميم المشرع هو لجنة تقوم بصياغة القوانين ليس بالضرورة جميعهم من هؤلاء الترزية الخصوصى ولكن بالتأكيد فى كل لجنة فرد او أكثر من فرد تكون موكلة إليه هذه المهمة..و لهذا السبب لا بد من إعادة النظر في جميع التشريعات التي صدرت في عهده و قراءتها بعين عكسية بواسطة مجموعة من الخبراء المخلصين الوطنيين انطلاقا من روح 25 يناير .. اذا لم تستمد روح 25 يناير في أى عملية تغيير قادمة وفى جميع قطاعات الدولة وتكون ركيزة و منطلق لجميع المسؤولين في الدولة سنفقد الكثير و سنفقد الثورة .
كان هناك جمع كبير في معهد تكنولوجيا المعلومات لمناقشة القانون واداره بحرفية أستاذنا الدكتور عبد الرحمن الصاوى، في حضور الدكتور ماجد عثمان و زير الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات و المهندس نجيب ساويرس و خبراء من المجتمع المدني و من القطاع..و كم كنت أود أن نستفيد من هذا التجمع فيما هو أثمن وأهم من النقاش حول مادة بائسة و قمعية لا تستحق في رأيي كل هذا النقاش..نحن نعيش نشوة الحرية بعد 25 يناير و كان الأجدر والأهم بدأ الحوار في مناقشة قانون أهم وأخطر بكثير وهو قانون حرية تداول المعلومات ..هذ القانون الذي حظي بكثير من الاجتماعات و المناقشات ايام النظام السابق ..ولكن هيهات أن يصدر هذا القانون في هذا الوقت ..كان الشكل و ليس المضمون، عقيدة و فكر و منهج يسيطر على الاداء السياسي للنظام السابق ..رغم اجتهاد مجموعة محترمة من الخبراء وكانت لدى بعضهم نية سليمة تماما لصدور القانون و لكن القرار السياسي كان ليس بيدهم .. أتمنى البدء في الحوار حول هذا القانون الهام قريبا.
عودة إلى المادة 67 .. المطروحة للتعديل إن الغرض من أى تعديل هو تصحيح وضع لتلافى عيوب سابقة ووضع سابق وألا ينتفي الغرض من التعديل، إذن لاختبار أى تعديل فى القانون يحب وضعه فى زمن ما قبل التعديل لكشف مدى قدرة هذا التعديل على تلافى عيوب وأسباب تعديله من الأساس .
المادة 67 قبل التعديل: السلطات المختصة فى الدولة أن تخضع لإدارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات أى مشغل أو مقدم خدمة وأن تستدعى العاملين لديه القائمين على تشغيل وصيانة تلك الخدمات والشبكات وذلك فى حالة حدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو فى الحالات التى تعلن فيها التعبئة العامة طبقاً لأحكام القانون رقم (87) لسنة 1960 المشار إليه وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومى .
المادة 67 المقترحة : على السلطات المختصة في الدولة على حسب الأحوال أن تخضع لإدارتها جميع خدمات وشبكات اتصالات أي مشغل أو مقدم خدمة، وأن تستدعي العاملين القائمين على تشغيل وصيانة تلك الخدمات والشبكات، وذلك في حالة حدوث كارثة طبيعية أو بيئية، أو في الحالات التي تعلن فيها التعبئة العامة طبقا لأحكام القانون رقم 87 لسنة 1960 المشار إليه، وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومي".
وفي جميع الأحوال يحظر قطع كل أو بعض أنواع خدمات الاتصالات أو وقف تشغيلها كليا أو جزئيا إلا بناء على قرار يصدر بذلك من رئيس الجمهورية وبعد موافقة مجلس الوزراء.
السؤال هو لو كانت المادة المعدلة قائمة قبل 25 يناير هل كانت هذه المادة ستمنع قطع الاتصالات ؟ بالتأكيد لا !! الرئيس و موافقة مجلس الوزراء كانت ستحدث في دقائق ؟!!! اذن التعديل المقترح لا يفرق كثيرا فعليا بالقياس على ما كان سيحدث قبل الثورة ..
وقد أعجبني في الحوار أحد المشاركين - الزميل د. خالد مصطفى الاستاذ بكلية الحاسبات - حين قال إن هذه المادة مصاغة بعقلية أمن الدولة وأشار إلى لفظ استدعاء "تستدعي" هذه الألفاظ لم تعد مقبولة و مرفوضة، و هنا أعود إلي ما ذكرته سابقا عن روح المشرع و نواياه فى صياغة القانون و هذا خير دليل على ذلك . عوار آخر في المادة 67 الأصلية والمعدلة و هو اللفظ الهلامي الذي يسمي بالسلطات المختصة ؟!! فما هي هذه السلطات المختصة ؟؟ من المعلوم أن أى قانون يكون هناك باب للمصطلحات لتعريف المقصود بها و فعلا في الباب الأول من القانون يوجد 21 تعريف لا يوجد من بينها "السلطات المختصة" يوجد فقط تعريف للوزير المختص.
وملاحظة أخرى أن هناك مادة فى القانون الحالي هي المادة 65 فى القانون " يضع الجهاز بالاشتراك مع القوات المسلحة والجهات المختصة بالدولة خطة مسبقة لتشغيل شبكات الاتصالات تنفذ خلال حالات حدوث الكوارث الطبيعية والبيئية وفترات إعلان التعبئة العامة طبقاً لأحكام القانون رقم (87) لسنة 1960 فى شأن التعبئة العامة وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومى ويتم تحديث الخطة بشكل دورى لتأمين الدفاع والأمن القومى ويلتزم مشغلو ومقدمو خدمات الاتصالات بتنفيذ تلك الخطة .
قد تكفي هذه المادة مع وجوب تعريف واضح للجهات المختصة. وأهم ما يميز المادة 65 عن المادة 67 اشتراك القوات المسلحة كجهة مختصة و كلنا نرى أن القوات المسلحة هي الضمانة الرئيسية للشعب و هي التي حمت الثورة ..فوجود القوات المسلحة صراحة في نص المادة يعطي الضمانة المطلوبة و لو تخيلنا الاحتكام للمادة 65 فقط قبل الثورة مع عدم وجود المادة 67 كان لن يحدث هذا القطع ..وكيف يحدث و قد تعرض الجيش لضغوط لقمع الثورة و كان موقفه مشرفا وانحاز للشعب ؟!
وأخيرا هناك تناقض فيما يخص ضمان سرية الاتصالات (مادة 5 – بند 6) " وضع القواعد التى تضمن حماية المستخدمين بما يكفل سرية الاتصالات" ثم المادة 64 "يلتزم مشغلو ومقدمو خدمات الاتصالات والتابعون لهم وكذلك مستخدمو هذه الخدمات بعدم استخدام أية أجهزة لتشفير خدمات الاتصالات إلا بعد الحصول على موافقة من كل من الجهاز والقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومى " كيف يكفل السرية و يمنع التشفير؟!
إذا لابد من قتل المادة 67 أسوة بأختها المادة 76 والغاؤها تماما من القانون واتفق مع حسام بهجت – رئيس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – وما قاله فى كلمته بأن القاعدة هى الاباحة، أما المنع هو الاستثناء، لكن المواد الموجودة فى القانون حالياً مكانها قانون الطوارئ وليس قانون تنظيم الاتصالات .