Admin المدير العام للموقع
Posts : 159 reputation : 3 Location : 10/01/2011
| موضوع: [u]احكام نقل وزراعه الاعضاء ------------ ضوابط الجواز والمنع[/u] 2011-01-14, 21:10 | |
| [u]أ حكام نقل وزراعة الأعضاء، ضوابط الجواز والمنع بقلم/ محمد بكرى بين مؤيد ومعارض.. ومجيز بشروط ومانع.. بل وربما متوقف في بعض الأحيان.. في ظل دراسات فقهية تعرض وأبحاث طبية تقدم.. تجرى مناقشات حامية وحادة حول قضية "نقل الأعضاء البشرية" في شتى مراجع الفقه ومؤسساته في العالم الإسلامي.
وتعد هذه القضية واحدة من القضايا المعاصرة المستحدثة والتي تدل بوضوح على أن باب الاجتهاد لا يمكن إغلاقه.. شريطة أن يفتح على أهل الأهلية والاختصاص.. وهى في الوقت ذاته برهان ساطع على ملائمة الشريعة وقدرتها على تلبية احتياجات البشرية في كل ربوع الأرض وعبر الدهور والعصور.
ولاشك أن كل صاحب رأى في هذه القضية يملك من المبررات ما يعضد رأيه ويدحض من خلاله دليل مخالفه.
فالقائلون بالجواز وضعوا نصب أعينهم حالة هذا المريض المشرف على الهلاك الذي باتت حياته – بإذن الله – مرهونة بعضو موجود بالفعل لدى حي أو ميت أو حتى حيوان وهو يبحث عن أي شيء يتعلق به دفعًا للهلكة عن نفسه.
وأما القائلون بالمنع فيرون أن حرمة الميت مقدمة ناهيك عن أن أعضاء الإنسان لا تتقوم بثمن، ولا يملك العبد الحق في بيع أجزائه فضلاً عما يفتحه هذا الباب على الناس من شرور لا تخفى على ذي لب.
وبادئ ذي بدء نقول:
لسنا هنا نتحدث عن بيع الأعضاء فمن المقرر عند القدامى والمعاصرين من الفقهاء أنه لا يجوز بيع الأعضاء البشرية مطلقاً.. لأن أعضاء الإنسان ليس محلاً للبيع.. وذلك لما يلي:
أولا ً:- أن هذه الأعضاء ليست ملكاً للإنسان، ولم يؤذَن له في بيعها شرعاً، ولا يُعَاوضُ عليها؛ فكان بيعها داخلاً في بيع الإنسان ما لا يملكه.
ومن شروط البيع الصحيح أن يكون البائع مالكاً للمبيع أو مأذوناً له فيه.. ومن المعلوم أن أعضاء الإنسان ليست ملكاً للإنسان، وكذلك ليست ملكاً لورثته حتى يعاوضوا عليها بعد وفاته.
ثانياً:- أن هذه الأعضاء الآدمية مُحتَرَمَة مُكَرَّمَة، وما من شك في أن البيع يتُنَافِي مع هذا الاحترام والتكريم الذي بينه ربنا في قوله تعالى:
"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا " الإسراء:70
والعلة في ذلك عند كثير من الفقهاء حرمة بيع أجزاء الآدمي كونها مخالفة لتكريم الله تعالى للإنسان.
ثالثا ً:- أن فتح هذا الباب للناس هو فتح لباب شر مستطير يعرفه الجميع سيجعل من أعضاء الآدمي مجرد سلعة تباع وتشترى.. لاسيما مع شدة الفقر والعوز الذي ألم بكثير من الناس فوجب منع هذا البيع سداً للذريعة المفضية إلى الضرر.
رابعا ً:- أن الأصل حرمة دم المسلم.. ومن ثمّ فلا يصح التعرض له بالجرح أو القطع.. حياً كان أو ميتاً.
والبقاء على الأصل هو المتعين.. حتى يوجد الدليل الموجب للعدول والاستثناء منه.
وهنا نتحدث عن التبرع بالأعضاء ونقلها من جسد لآخر:
وقد تناولها الدراسات الفردية والجماعية عن علماء أكابر لهم ثقلهم ووزنهم في الساحة.. لكننا على قناعة تامة بأن مثل هذه القضايا لا يكفى فيها رأى الأفراد فهي تحتاج إلى اجتهاد جماعي يعالج القضية من جميع جوانبها.. وهو ما حدث بالفعل.
فلقد صدرت في هذا الشأن فتاوى وقرارات من هيئات علمية شرعية في أقطار عدة في العالم الإسلامي منها:
لجنة الإفتاء الجزائرية بتاريخ 20/4/1972م.
ولجنة الإفتاء الأردنية بتاريخ 18/5/1977م.
وكلتاهما أفتت بجواز أخذ الأعضاء من الأحياء في حالة عدم ترتب ضرر منه على الحي.
فتوى مفتي الديار المصرية بتاريخ 5/12/1979م بجواز نقل الأعضاء.
المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بتاريخ 19/1/1985م الذي أجاز الأخذ والزرع واعتبر ذلك مصلحة كبيرة وإعانة خيِّرة وعملاً مشروعاً حميداً.
مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة مؤتمر الدول الإسلامية المنعقد في عام 1986م الذي اعتبر موت الدماغ مساوياً لموت القلب والتنفس.
هيئة كبار العلماء السعودية عام 1987م وأفتت بجواز التبرع.
مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في جدة بتاريخ 6/2/1988م الذي أجاز النقل والزرع.
ومن مجموع هذه الفتاوى والدراسات الفقهية العديدة فُتح المجال واسعاً أمام جواز الأعضاء وزرعها لدى المرضى.. ولكن ضمن شروط فقهية وطبية لعلها تتضح لنا من خلال قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الثامنة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي، في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405هـ إلى يوم الاثنين 7 جمادى الأولى 1405هـ الموافق 19-28 يناير 1985م.
حيث نوقش موضوع أخذ بعض أعضاء الإنسان، وزرعها في إنسان آخر مضطر إلى ذلك العضو، لتعويضه عن مثيله المعطل فيه، مما توصل إليه الطب الحديث، وأنجزت فيه إنجازات عظيمة الأهمية بالوسائل الحديثة.
وذلك بناء على الطلب المقدم إلى المجمع الفقهي، من مكتب رابطة العالم الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد استعرض المجمع الدراسة، التي قدمها الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام في هذا الموضوع، وما جاء فيها من اختلاف الفقهاء المعاصرين في جواز نقل الأعضاء وزرعها، واستدلال كل فريق منهم على رأيه بالأدلة الشرعية التي رآها. وقد شهد الجلسة فريق من الأطباء ذوى الخبرة والاختصاص لمناقشة هذا الموضوع وهم:
الدكتور السيد محمد علي البار الدكتور عبد الله باسلامة والدكتور خالد أمين محمد حسن والدكتور عبد المعبود عمارة السيد و الدكتور عبد الله جمعة والدكتور غازي الحاجم.. وبعد المناقشة المستفيضة بين أعضاء مجلس المجمع، رأى المجلس أن استدلالات القائلين بالجواز هي الراجحة.
ولذلك انتهى المجلس إلى القرار التالي:
أولاً: إن أخذ عضو من جسم إنسان حي، وزرعه في جسم إنسان آخر، مضطر إليه لإنقاذ حياته، أو لاستعادة وظيفة من وظائف أعضائه الأساسية، هو عمل جائز، لا يتنافى مع الكرامة الإنسانية، بالنسبة للمأخوذ منه، كما أن فيه مصلحة كبيرة، وإعانة خيرة، للمزروع فيه، وهو عمل مشروع وحميد، إذا توافرت فيه الشرائط التالية:
أن لا يضر أخذ العضو من المتبرع به ضررًا يخل بحياته العادية، لأن القاعدة الشرعية (أن الضرر لا يزال بضرر مثله ولا بأشد منه). ولأن التبرع حينئذ، يكون من قبيل الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وهو أمر غير جائز شرعًا.
أن يكون إعطاء العضو طوعًا من المتبرع دون إكراه.
أن يكون زرع العضو هو الوسيلة الطبية الوحيدة الممكنة لمعالجة المريض المضطر.
أن يكون نجاح كل من عمليتي النزع والزرع محققًا في العادة أو غالبًا.
ثانيًا: تعتبر جائزة شرعًا بطريق الأولوية الحالات التالية:
أخذ العضو من إنسان ميت لإنقاذ إنسان آخر مضطر إليه، بشرط أن يكون المأخوذ منه مكلفًا، وقد أذن بذلك حالة حياته.
وأن يؤخذ العضو من حيوان مأكول ومذكي مطلقًا، أو غيره عند الضرورة، لزرعه في إنسان مضطر إليه.
أخذ جزء من جسم الإنسان، لزرعه أو الترقيع به في جسمه نفسه، كأخذ قطعة من جلده، أو عظمه لترقيع ناحية أخرى من جسمه بها عند الحاجة إلى ذلك.
وضع قطعة صناعية، من معادن أو مواد أخرى في جسم الإنسان، لعلاج حالة مرضية فيه، كالمفاصل، وصمام القلب، وغيرهما.
فكل هذه الحالات الأربع يرى المجلس جوازها شرعًا بالشروط السابقة.
وقد صدر عن المجمع الفقهي بمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار بهذا الخصوص، في دورته المنعقدة بتاريخ 18 جمادى الآخرة 1408 هـ، الموافق 6 فبراير 1988م لا يبعد كثيرا عن القرار السابق بل أضاف إليه من الشروط ما يخرج من الوقوع في المحظور كما هو واضح من بنود القرار:
أولا ً: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب أو لإزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً.
ثانياً: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان هذا العضو يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويُرَاعَى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأَهْلِيَّةِ، وتحقق الشروط الشرعية المُعْتَبَرَة.
ثالثاً: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.
رابعا:- يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر.
خامسا: يَحْرُم نقل عضو من إنسان حي يُعَطِّلُ زواله وظيفة أساسية في حياته - وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها - كنقل قَرَنيَّةِ العينين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية؛ فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة.
سادسا:- يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.
سابعا:- وينبغي ملاحظة أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بألا يتم ذلك بواسطة بيع العضو؛ إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما.
أما بذل المال من المستفيد - ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة، أو مكافأة وتكريماً - فمحل اجتهاد ونظر
ثامنا:- كل ما عدا الحالات والصور المذكورة - مما يدخل في أصل الموضوع - فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة على ضوء المعطيات الطبية الشرعية.
وهناك الكثير من المسائل الفقهية ما تولد عن هذه القضية مثل الخلاف المعروف في تحديد معنى الموت الدماغي.. وحكم فصل أجهزة الإنعاش عن المريض الذي مات دماغه بجميع أجزائه أو مات جذع الدماغ فقط.. وأخذ أعضاء ممن حكم عليهم بالإعدام.
وغيرها وغيرها من المسائل التي ربما يكن لنا معها وقفة أخرى بحول الله وعونه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
السبت الموافق:
3/5/1431هـ
17/4/2010م
[/ u] | |
|